الصفحة الرسمية للمحامي محمد العثمان
الصفحة الرسمية للمحامي محمد العثمان

قراءة في قانون العقوبات والتدابير البديلة البحريني (5)

ولما للدراسات في تطبيق العقوبات البديلة من أهمية، فإنني أتوجه بالشكر والتقدير للباحثة القانونية/ الأستاذة أمينة أحمد، والتي ساهمت بقراءة استطلاعية لنتائج دراسات أجريت في الدول المطبقة للعقوبات البديلة. والتي جاءت النتائج في مجملها لتوضح الأثر الإيجابي في تلك المجتمعات، سواء على الفرد أو الدولة، اجتماعيًا واقتصاديًا، وما يرافق ذلك التطبيق البديل من تحولات في مسار الأفراد وعلى الأخص في عدم العود إلى الجرائم. ونشير إلى عناوين الدراسات المرجعية: بدائل لعقوبات السجن لـ«جوسين جونغر». و«هل يقلل الحكم البديل من الإجرام» – دراسة تحليلية أولية لـ«كوبر جونز». 

في عام 1990، كان التبني الأول لمنظمة الأمم المتحدة قواعد الأمم المتحدة النموذجية للتدابير غير الاحتجازية والمعروفة بقواعد طوكيو. –وتوضح قواعد طوكيو العقوبات البديلة ولكنها لم تفصل طرق تنفيذ تلك العقوبات. ولكن القاعدة (2،3) بينت طريقة اختيار العقوبة البديلة المناسبة بحيث إنها يجب أن تتناسب مع طبيعة الجريمة من ناحية وشخصية مرتكب الجريمة وخلفيته من ناحية أخرى، تهدف تلك القواعد إلى تعزيز الشعور بالمسؤولية المجتمعية من قبل الجناة وكذلك مشاركتهم في تحقيق العدالة الجنائية، بالإضافة إلى تقليل استخدام السجون وترشيد سياسات العدالة الجنائية. وجاء نص المادة (2،8) من قواعد طوكيو واشتملت على عقوبات بديلة متنوعة منها: العقوبات اللفظية مثل العتاب والتوبيخ والإنذار، إخلاء السبيل المشروط، العقوبات الاقتصادية والجزاءات النقدية كالغرامات والغرامات اليومية، الأمر برد الحق إلى المجني عليه أو تعويضه، الوضع تحت الاختبار والإشراف القضائي…إلخ.

وفي دراسة أجرتها وزارة العدل الأمريكية أن 44% من الجناة الذين تم إطلاق سراحهم في عام 1994 قد تم اعتقالهم مرة أخرى، في حين تم اعتقال أكثر من ثلثي الجناة في غضون ثلاث سنوات من إطلاق سراحهم من السجن. وقد انخفضت معدلات العودة إلى الجرائم في الولايات التي طبقت برامج إصدار العقوبات البديلة، ولكن تكمن الحاجة إلى عمل المزيد من الدراسات لتقييم ما إذا كانت معدلات العودة تستمر في الانخفاض في الولايات التي تطبق العقوبات البديلة. 

والملاحظ انه وفقا لتقرير صادر عن مكتب المحاسبة العامة بالولايات المتحدة، فإن العقوبات البديلة لها ثلاثة أهداف: أولاً: الحد من عدد السجناء. ثانيا: خفض التكاليف عن طريق استبدال أحكام السجن الباهظة الثمن ببدائل أرخص. ثالثًا: انخفاض عدد المخالفين. 

كما ان الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر واحدة من الدول التي طبقت مشروع الوساطة، والذي يكون بين المتهم والضحية من خلال عقد اجتماع تصالحي بينهم. ويهدف ذلك إلى توعية الجاني صراحة بما فعله، والاعتراف بمصالح الضحية من خلال جبر الضرر وتشجيع المصالحة الحقيقية بين الجاني والضحية

ولعل السؤال إلى أين وصلت تطبيقات العقوبات البديلة أو بدائل التدابير الاحتجازية كما يطلق عليها في بعض التشريعات العربية، حيث إن دولا مثل مصر، والأردن والمغرب «مازال التنظيم القانوني فيها لا يأخذ بهذا النوع من التدابير إلا بصـورة اسـتثنائية ومحـدودة ويقتصر علــى أنواع محدودة من تلــك التدابير. وهناك دول كالجزائـر واليمن وتونس، رغم أنها أخذت بهذا النوع من التدابير على المستوى النظري إلا أن التشريعات والقوانين التي تنظم العمل بها يعتريها نقص واضح». وهذا ما تشير إليه المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي. بدائل التدابير الاحتجازية. في دراسة قدمتها في مايو 2014م.

ونحن في مملكة البحرين بانضمامنا إلى هذه الدول العربية، أعتقد أننا الأكثر تطورًا تشريعيًا على المسار النظري، من حيث تكامل الأدوار بين وزارتي العدل والداخلية والنيابة العامة، حيث باتت التشريعات (القانون والقرارات اللاحقة) واضحة ومحددة الأدوار والآليات، ويبقى التطبيق العملي وهو ما سوف نجني ثماره على أرض الواقع. 

ختامًا: إن التوجيه الملكي بتوفير الدعم الحكومي المطلوب لتنفيذ القانون رقم 18 لسنة 2017 وسرعة تنفيذه وتطبيقه سوف يعود بالمنفعة على المجتمع البحريني في كافة أوجه الخير المرتجاة من تطبيق البدائل العقابية.